كثرت هذه الايام القمم العربية الثنائية. فبعد زيارة خادم الحرمين الشريفين الى سوريا في 7 اكتوبر تبعتها بعدة ساعات زيارة الاسد الى مصر واصبحت مرثونات سياسية وقمم عربية بعد ان كان من شبه المستحيل جمع القادة العرب في قمة عربية موحدة . فلماذا يا ترى !؟ هل هي لصالح المواطن العربي ام الاستخفاف به ؟هل هي خوف من حدث قريب يهددهم ؟ ام لمعالجة حدث انهم متورطون به ؟ام لتدبير حدث يهدد مسار شقيقة عربية جارة لهم ؟في الحقيقة كل الاحتمالات واردة لان السياسة العربية مبطنة ومغلفة بعدة اوجه لانها بعيدة كل البعد عن الشارع العربي وتخضع للتكهنات اكثر منها للحقائق لاننا خير امة اخرجت للناس ,نعمل بالمعروف وننهى عن المنكر نحترم الكبير ونعطف على الصغير نساعد المحتاج وننصر المظلوم نحسن الى الجار ونحفظ حقوقه ونتسامح مع الاخرين و نغفر لهم اخطائهم .وترجمنا هذه الصفات عمليا بمقياس الكيل بمكيالين عندما تكون المصالح والانتهازية حاضرة .فموضوعي هذا له علاقه وثيقة بتصرفات بعض القيادات العربيه الشقيقة تجاه العراق وتجربته الفتية فكثرة التجاوزات عليه ومحاولات تدمير العراق وشعبة بشتى الطرق والوسائل وبدون رحمة ولا انسانية تدعونا لنقف مليا لمعرفة الاسباب والمسببات التى دفعت الاخر لهذه التصرفات. فالمعروف ان الكثير من الاحداث وردود الافعال بين الاشقاء تنتهي عند انتهاء الحدث او الفعل لوجود حسن النية الا مع العراق تبحث هذه الاطراف بكل ما يخطر او لا يخطر على البال بأفتعال الازمات وتضخيم ردود الافعال تجاه اي فعل او موقف يصدر من العراق او حتى دون ان يصدر في سبيل ان لا يكون العراق عراقا معافيا و ينعم شعبه بالسلام والامان. لذا وجدت ان الاسباب والمسببات كثيرة جدا لنصب العداء والكراهية للعراق وافتعال الازمات .ولكي نقف عندها لابد من معرفة هذه الدوافع المفعمة بكل هذا الحقد والكرهية وتصدير الارهاب والدمار للعراق من قبل القيادتين السعوية والسورية بالرغم من انهم من ملة خير امة اخرجت للناس! ؟ فالاجابة تتعلق بصورة خاصة في اسلوب الحكم المطبق على شعوبهم والمتمثل بالقهر والقصر ومصادرة الحريات الشخصية. ولكي لا يكون تشخيصي هذا من باب العداوة والانفعال دعوني انقل لكم ما تقوله الجمعيات والمنظمات التي تدافع عن حقوق الانسان في كلا البلدين ولنبدء بخدام الحرمين الشريفين وافعالهم تجاه الشعب السعودي و كما ذكرت الجمعية الوطنية لحقوق الانسان في السعودية .فمفهوم الحرية يكاد ان يكون معدوما لولا تمتع النخبة من افراد العائله الحاكمة بالحرية المطلقة . فحرية الرأى وقبول الراي الاخر تكاد لا تذكر وهو السبب الرئيسي في الاعتقالات واجراءات الضبط التعسفية والجلد وقطع الاعضاء والاعدامات حتى دون سن 18 سنة و تعليق مده الاعتقالات الى اجل غير مسمى وبدون محاكمات توصف . اما ما ذكرته منظمه هيومن رايتس ووتش حول حقوق العمالة الاجنبية يندى له الجبين فوجود سبعه ملايين عامل اجنبي في السعودية العدد الاكبر منهم 60% يقع ضحية الاستغلال في العمل تقترب احيانا من العبودية .والتقارير الدولية تشير الى ان سجل الدولة السعودية في مجال هدر الحريات الاجتماعية يعد الاسوء من نوعيه على الصعيد العالمي( شبكة راصد الاخبارية) فالسب والشتم والضرب وحتى من قبل منتسبي الشرطة بالتعدي على المقيمين وحتى الحبس نتيجة مطالبتهم بحقوقهم المادية .اما كيف يعامل المواطن السعودي فحدث بلا حرج. فهم مصنفون على اساس المنطقة والقبيلة والمذهب والاصل .و اسلوب التفرقة هذا لا يقتصر على ابناء الشعب الواحد وانما ينسحب ايضا حتى على المقيمين اذ كانوا من عالم اوربي او افريقي او اسيوي او امريكي فهم درجات كما هم ابناء الوطن الواحد .وبالرغم من كثرة العمالة الاجنبية الا ان نسبة البطالة بين ابناء المجتمع السعودي مرتفعة جدا. فالسرقة والجرائم الاخلاقية تملئ تقارير المنظمات الانسانية . اما حرية الاعلام فمغيبة تماما والمواقع الالكترونية تحجب والصحف تغلق والافراد تطرد وتعاقب بمجرد التفكير بنقد الحكومة أو كل من له علاقة بالسلطة الحاكمة .فمبدء الفكر والكفر عندهم سيان لانهما من نفس الحروف .اما حرية المعتقد فهي من المحرمات في السياسة والدين و هذا ماشاهده العالم كله من على شاشات الفضائيات او اليوتوبي بكيفية تعامل السلطه الحاكمة مع ابناء المذهب الشيعي باعتقالهم الاطفال القصر. وكيف تصرفت هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مع البلاد والعباد بهمجية ما بعدها همجية .اما مكانة المرأه في المجتمع السعودي فالحديث عنها يطول فالسعودية البلد المتميز بتطبيق مبدأ (القوامة) اي قوامة الرجل على المرأة ونحن في القرن 21 وهو عدم تمكين المرأه الراشدة من التصرف بأي اجراء قانوي او مدني الا عن طريق ولي الامر او الوكيل مما يعمق النظرة الدونية لأهليتها الشرعية والنظامية. تصورا حتى لو ارادت رفع دعوه وان كان عمرها يتجاوز الاربعين عاما ومهما كان مؤهلها ومستواها العلمي والاجتماعي لا يحق لها الا بموافقة ولى امرها وكذلك لو ارادت الحصول على بطاقة الاحوال المدنية او البطاقة الشخصية او جواز السفر (ولذلك وجد زواج السفر قبل جواز السفر ) ناهيك عن زواجها وطلاقها فهو صفقة تجارية مربحة بالنسبة للاباء . ولهذا ارتفعت معدلات الجريمة وصنفت من الجرائم الغربية والمنظمة وعدم تفاعل الشرطة مع البلاغات الواردة عنها .اما مبدء الحكم والتشريع السائد فهو وهابي بأمتياز فالوهابية ولدت في الجزيرة العربية على يد مؤسسها الشيخ محمد بن عبد الوهاب( 1703_ 1791) وهي امتداد لتعاليم ابن تيمية الذي هو بدوره من اتباع المذهب الحنبلي وهذه الحركة تضمر العداء لكل الاديان والمذاهب الاخرى وخاصة الشيعة وابن عبد الوهاب هذا يقول عن الشيعة من شك في كفرهم فقد كفر .فالوهابية هذه عقدت تحالفا مع اسرة ال سعود لقاء مصالح متبادلة .ففي عام 1744م بدء هذا التحالف بين الشيخ محمد عبد الوهاب وال سعود والذي مكن الاخير من بسط نفوذه على البلاد والعباد .واخذوا يصولوا ويجولوا بالشعب ومقدراته بدون حساب او محاسبة تذكر لانهم ظل الله على الارض . تم بعد ذلك ولدت القاعدة من رحم الوهابية وهي نسخة طبق الاصل بالاجرام والحقد والكراهية من الوهابية واصبحت وصمه عار بأسم الاسلام وعلى الاسلام . واشارت بعض التقارير بأن السعودية انفقت 87 مليار دولار خلال العقدين الماضيين لنشر الوهابيه والارهاب في العالم و50%من الانتحاريين لقتل العراقيين هم من السعودية . من خلال هذا الطرح يتضح لنا ان الشعب السعودي لا حرية ولا ديمقراطيه ولا تسامح ديني يتمتع به .فالشعب السعودي مبتلى كما ابتلى العراق بزمرة البعث المنحل . والوهابية تعتبر الشيعي كافر وهم من يبعثوا بالانتحاريين لتفجير انفسهم بالشعب العراقي لانهم شعية اولا وثانيا خوفهم من نجاح مبدء الديمقراطية والتحرر وحريه الرأي والعقيده ومساوات ابناء الشعب بكل طوائفه فأخرجهم عن طورهم الذي دفعهم بالوقوف ضد تجربه العراق الفتيه بجنون وعدم فتح سفارة لهم في العراق والذي زاد الطين بله هو رفضهم اي مبادرة سلام بين البلدين حتى لو كان لقاء سياسي على مستوي مسؤولين كبار لان الحكومة العراقية شيعية و القيادة السعودية هي من خير امة اخرجت للناس .هذا عن شقيقه العراق الكبرى اما الصغرى( وعلى رأي المثل العراقي جيب البيز ودي البيز ثاري البيز خرقة )انها لعبة تكويك تارة بيد السعودية وثارة بيد الايرانيين والكل يعرف لو غازلها الامريكان لتركتهم مهرولة. فحزب البعث يحكم سورية منذ عام 1963 وتسلم حافظ الاسد قيادة الحزب والدولة في 17 نوفمبر عام 1970 حيث قام الاخير بأعتقال القيادة القطرية وعلى رئسهم رئيس الدولة نور الدين الاتاسي. وبعد وفاة حافظ الاسد 2002 كانت عملية توريث السلطة تفصيلية من خلال تعديل الدستور حسب مواصفات وقياس بشار الاسد الابن ومنذ هذا التاريخ الى الان و البعث يحكم العباد والبلاد في سوريا. فالانتهازية هي مبدء بعثي بأمتياز والبعث بصورة عامة اينما كان يعمل على التشتيت والتفرقة والتشرذم العربي فهو اول من ضرب تجربة الوحدة العربية السورية المصرية عندما وقع صلاح البيطار مع مأمون الكزبري عريضة الانفصال في 28سبتمر 1961 (أغتيل صلاح البطار بمسدس كاتم للصوت في باريس 21 تموز 1980 من قبل السلطات الامنية السورية وبعد موته نقلته زوجته ليدفن في بغداد ) ومن صور الانهازية الصارخة في اكتوبر عام 1988 قام حافظ الاسد وبتنسيق مع المخابرات التركية بطرد عبد الله اوجلان وكان تسليم اوجلان للحكومة التركية بعد مطاردته واعتقاله في كينا في فبراير 1999 خوفا من الاتراك .وفي عام 1963 حذف حزب البعث السوري من كافة المناهج التعليمية السورية وادبيات الحزب اي اشارة للواء الاسكندرونة المحتل من قبل تركيا عام 1636 خوفا من التهديدات التركية . اما الجولان فأصبحت من خبر كان والسكوت على كل الانتهاكات الأسرائيلة والغارات العسكرية معروفة للجميع . اما العلاقة العراقية السورية لم تكن يوما من الايام على وفاق وان وجدت فهي لمصالح اقتصادية بحته وخاصه عندما اطلق طه ياسين رمضان دبلماسية الصفقات فى زمن الحصار على العراق فعقد مع سورية عام 2000 صفقة تجارية دبلوماسية بلغت ب 5 بليون دولار في فترة ثلاثة سنوات بالاضافة الى تهريب وبيع النفط العراقي الخام بما يطلق علية تجارة الحدود . اما مايعمله البعث السوري في العراق الان من تصدير الارهاب والدمار حيث بلغ نسبة الانتحاريين السورين بتفجير انفسهم لقتل العراقين بنسبه 15% ماهو الا من باب الرسائل للتفاهم مع الامريكان وهو مايسعى اليه البعث السوري بكل مايملك حتى لو باع الوطن حرفا حرفا .اذن الدوافع الاساسية لمعاداة العراق اصبحت واضحة فتصدير ارهابهم للعراق للتغطية على الواقع السوري المرير وحكمهم التعسفي في خنق الحريات على كل المستويات فحقوق الاقليات مفقودة فوجود حوالي 250 ألف مواطن سوري كردي لا يملكون الحق لا في التجنس ولا الوظائف ولا التملك ولا الزراعة ومحرومين من ابسط الحقوق الانسانية وما فعله صدام بأكراد العراق فعلة الاسد بأكراد سوريه من تهجير وتهجين وما الى ذلك. اما حرية الاحزاب فلا تذكر فالحزب الاوحد بالبلاد هو البعث وهو صاحب السلطة والقوة .وحرية الصحافة لا تقل عن مثيلتها في السعودية بالمصادرة والحجب والتوقيف. واذا نظرنا للوضع الاقتصادي فالسائد هو الانخفاض في مستوى المعيشة وتزايد البطالة الامر الذي ادى الى انهيار الطبقة الوسطى بكافة قيمها واخلاقياتها فالامراض الاجتماعية متفشية بشكل لا يصدق كالفساد والجريمة والتحلل الذي تعاني منه الاسر وتزايد حالات الطلاق والاعتقالات والمفقودين وغيرها.فالشعب السوري مغتصب كما اغتصب البعث العراق سابقا . اذن من خلال ما طرحناه نجد ان كل من الحكومة السعودية والسورية لا يروق لهم ان يكون العراق قويا ديمقراطيا معافى ينعم شعبه بالحرية والسلام. وقممهم تسعى لجعل العراق على رأي المثل الشعبي( شيصاني لا مسلم ولا نصراي ) اي شعب تفصلي على مقاسهم يفعلون به ما يشاؤون بسيوف الامر بالمعرف . فهل لنا اذن أن نأمن جانب الشقيقتين ؟طبعا لا! و من سابع المستحيلات وهذا ما ينسحب ايضا على كل من الاردن ومصر والتاريخ خير دليل على ذلك. فالعراق ابتلى بجيران وشقيقات( ماشاء الله) ليس لهن مثيل في الظلم والقهر و الكراهية وعلى رأي المثل تسمع كلامهن يعجبك اتشوف اعمالهن تتعجب ! .
أ.د.أقبال المؤمن
أ.د.أقبال المؤمن