المعطف بالمختصر المفيد قصة تحكي عن حال بطلها اكاكي اكاكيفيج البسيط المهان المسكون بالرعب من السيد والسلطان الذي لا حولة ولا قوة له فهو بعد عناء شديد وتقشف صعب اشترى له معطفا ولكن لسوء حظه سُرق معطفه في ليلة سوداء قارصة البرد وعندما ذهب ليشتكي ويبلغ عن سرقة المعطف لم يسمعه احدا لا بل أُهين وطُرد طرد الكلاب , وبما انه رجل كبير السن لم يحتمل كل هذه الاهانات فمرض مرضا شديدا ومات متأثرا بأهانات رجالات الدولة . وبناءا عليه ظهر شبح المعطف لينتقم من كل ظالم اراد السوء به وبالفقراء ولم يختف هذا الشبح الا بعد ان اقتص من اكبر رأس فاسدة في البلد.
كوكل لن يكتفي بنقده الساخر من السلطة الظالمة وانما انتقد ايضا الجوانب السلبية في حياة البسطاء وسلوكياتهم فاضحا صغر نفوسهم وضيق افقهم ساخرا من تفاهاتهم ونفاقهم وجبنهم وكل ما يحرف الانسان عن الانسانية ويشوه حياة البشرية والمجتمع.
كوكل لانه احب شعبه انتقدهم بتشخيص امراضهم كي يعالجها . وها نحن اليوم في امس الحاجة لمعطف كوكل نعم معطف كوكل الذي من المفترض ان يكون صوتا وقلما وصورة لكل مبدع يحب العراق وخاصة في زمن لا نسمع فيه غير التفجيرات الارهابية التي يعاني منا الشعب العراقي والتي حصدت الارواح الطاهرة بدون ذنبا يذكر .
اما المعانات الاخرى والتي نسى او يتناسى عنها المسؤولين هي العقاب الجماعي الذي يعيشه المواطن كل يوم وازداد اكثر في هذه الايام العظمية ذكرا وفاجعة الا وهي مراسيم اربعينية الحسين ع فهي حلم كل عراقي ان يأديها وبطيب خاطر واعتزاز ولكنها استغلت اسوء استغلالا من قبل الاعلام والكثير من المسؤولين وعلى رأسهم وزارة النقل والكثير من المرتزقة والتجار والقوام .
الزيارة التي يجب ان تجسد مقولة الحسين علية السلام هيهات منا الذلة سأروي لكم ماهي معانات الزوار فيها ومن هو جلادهم . لذا عزمت و توكلت ان اكون من ضمن زوار الامام ومن معزي اهل البيت بهذه الفاجعة لهذا العام لان حلمي طال لاكثر من ثلاثين عاما وانا احلم بان أكون من زوار الحسين ع وكل غايتي هي التقرب لله من خلال اهل البيت عليهم السلام.
لذا ما سأرويه لكم كان صدمة كادت ان تقضي على الحلم . سأنقل لكم ما جرى بكل أمانة والله شاهد على ما اقول دون نفاقا او تملقا او رياءا عسى ولعل ان يلتفت اليها من يريد ان يبني العراق ويحب العراقيين لينقذهم من هذا العقاب الجماعي المفروض من قبل المسؤولين على كل الزوار .
لمثل هذا اليوم كنا نعد له العدة ونحلم بتحقيقه لكثرة الموانع منذ سنيين ولا تزال . ذهبنا متوجهين الى كربلاء الساعة الخامسة فخرا وكلنا امل في الزيارة أن نصلي وندعو الله عز وجل في مأمن من كل شئ . وصلنا المسيب في تمام العاشرة صباحا وهنا كانت أول واخر حافلة ركبناها. ترجلنا بعدها سيرا على الاقدام الى كربلاء وكان الطريق مهيئا للمسير والدعوات للاكل والشرب مشكورين ومأجورين عليها كل المواكب القائمة على خدمة زوار الحسين ع و كل اهل الخير . ولكن كيف نأكل ونشرب والاوساخ لا تطاق والمرافق الصحية لا تحتمل والدخان يعمي العيون ..
المهم واصلنا السير بدون انقطاع حتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وبدئنا نبحث عن مكان للمبيت الا اننا لم نجد أي فسحة لكثرة الزوار وقلة الاماكن في الخيم والجوادر المنصوبة والمواكب المقامة ولا توجد فنادق و أمام واقع الحال هذا قررنا مواصلة المسير ولكن بتوقف بين الحين والاخر هكذا حتى الصباح الباكر عندها وصلنا كربلاء الساعة الخامسة فجرا في اليوم الثاني من المسير وهنا بدءت المأساة الحقيقية فعلا بوطئ اقدمنا على ارض كر وبلاء وجدنا الكربلائيون لا يطيقون زوار الحسين . الزوار مفترشة االطرقات يعني نمشي على جثث بشريه كلها ملتحفة الارض الخدمات تكاد ان تكون معدومة أصحاب الفنادق لا يطيقون حتى السؤال من الزائر ذهبت لفندق الغريب و وجدته فعلا غريب بكل شئ و فندق اخر لا يحضرني اسمه مجاور للغريب فأصحاب هذه الفنادق لا يعرفان غير كلمة (لا يوجد) لانهما مكتفيان حسب قولهم بالحملات دار يعني محجوز كل الفندق بما فيه المرافق الصحية وعلى ذكر المرافق الصحية فهي مصيبه المصائب في كربلاء لانها كانت منصوبة في بداية المدينة وعلى شكل كرفانات لا تفي بالغرض اما في داخل المدينه فحدث بلا حرج يقف رجل في باب المرافق الصحية المعدة للنساء وبيده عصا يستعجل الزائرات مع احترامي لهن وكأنهن حيوانات فالمرأة في كربلاء كأنها مخلوق من كوكب اخر لا يحسب له حساب تصورا كل شئ للرجل خمس ابواب لكل مرقد لا تدخل منها امرأة واحدة لانها مخصصة للرجال فقط وفي داخل الحرم رجال تحمل العصيَ او هي نوع من العصي المخصص للتنظيف لا اعرف ما اسمها بالضبط تنش بها النساء نش الذباب .
طبعا كان من سابع المستحيل ان تدخل للضريح الا بأرادة هؤلاء القوم وما اغلض قلوبهم واقصى اصواتهم. الذي زاد الطين بله و صعوبة الدخول الى المرقد هو القاطع الذي اوجدوه بعد السقوط اي قطع الضريح بالنصف نصف مخصص للنساء ونصف للرجال يعني لا يكفي الحسين ع تقطيع جسده من قبل جيش يزيد كملوها الجماعة بتقطع ضريحه بألتفاتة ايرانية لاننا نعشق التقليد فأنعدمت الانسيابية في الزيارة واصبحت الحالة شبة مستعصية .
بودي ان اذكر هنا في بيت الله لا يوجد مثل هذا القطع المميت وكان يطلق على مكة بكة لانها تدل على الازدحام ويمكن للمرأة ان تصلي امام الرجل . نقل ابن العربي عن قتادة ذلك حين قال : ان الله سبحانه وتعالى بك بها الناس اي جمعهم بها فتصلي النساء أمام الرجال وصور ذلك ان الناس يستديرون بالبيت فيكون وجوه البعض الى البعض فلابد من استقبال النساء من حيث صلوا .
المهم النساء بالرغم من انهن اكثر من الرجال عددا ولكنهن محرومات من كل شئ, اين ما تتجه المرأة تنهر وتهان وتطرد بعكس الرجال . في كر وبلاء تشعر المرأة انها ليست ببشر لامكان يأويها ولا شخصا يسمعها ولا خدمات مخصصه لها كافية و لا حتى مكان تصلي او تدعو الله به وكأن رسول الله لم يقل حبب الي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة..
بعد عناء يوم سيرا على الاقدام جلست في مكان لا يسع حتى لقطة وكانت بجانبي أمرأه سالتني اين اتجاه القبلة فرددت عليها مستغربه الاخت من أين ؟ ! فقالت انا من السعودية فرحبت بها وبعد ان ارشدتها على القبلة سألتها عن انطباعاتها فقالت لم ار بحياتي اسوء من المعاملة التي تعامل بها المرأة هنا لا يسمح لنا في الدخول اطلاقا رغم كثرة الابواب لاننا نساء فنحن لا نعرف اين نجلس ولا نريد ان نقضي وقتنا في الفندق فقلت لها مأجورة واكتفيت لانني ولاول مرة لااعرف ماذا اقول وكيف ان اصبر على هذه المسكينة وانا واياها في الهوى سواء هذا كان خلف مقام العباس ع بعدها توجهنا لزيارة مرقد الحسين ع طبعا بعد ان وضعنا احذيتنا عند الكشوانيه خلف الحضرة العباسية الحقيقة تسليم الامتعة الصغيرة والاحذية والمبايلات هذه مصيبة من نوع خاص لانك لا تتمكن من الوصول اليهم و لا تعرف كيف تتعامل معهم لان لا يسمح لك بالدخول والمبايل بحوزتك او اي تقنية اتصالية اخرى كالكامرة او الفلاش مثلا رغم كثرة التفتيش الكارثي وخاصة للنساء فهو عقاب ديمقراطي لا يوصف لان يد المفتشة يجب ان تمر على جسمك وفي كل مكان بحيث تشعر بالتقزز والغثيان وان تذمرت او امتنعت تكون من المشكوك بهم وتخضع للتفتيش من نوع أخر أكثر ديمقراطية .
المهم ترجلنا حفاة الى مرقد الامام الحسين ع وأذا بنا امام سور من البشر ماشاء الله والقوام ( تصوروا عالم النساء لا يخترقه الا القوام ) عملوا طريقا دائريا ماكرا من اين ما ذهبت تعود الى نقطة البداية بدون ان تصل الى ضريح الامام وكأنها لعبة او ضحك على الذقون بحيث رغما عنك تصاب بالذهول من مكر المخططين وهنا صادفت زائرة بحرانية الاخرى مسكينة وكانت تمسك حذائها بيدها وأذا بها تتلقى الاهانات من القوام كونها تحمل الحذاء بيدها بالرغم من انها لم تدخل الضريح والتفتت الي وقالت مبررة لموقفها لايوجد مكان عند الكشوانية وان وضعته على الارض لا اجده بعد ذلك من كثرة الاحذية والارض بارده وكلها حفر واوساخ وفعلا التفت لأرى الارض فرشت بالاحذية يعني تحتاج الى يوم او اكثر لتجد حذائها .
بعد كل هذا العناء وللاسف الشديد لم نتمكن من زيارة الامام واكتفينا بالدعاء من بعيد وهنا حان موعد الرحيل والعودة الى الديار يعني الغاية من الزيارة لم تتحقق لا يوجد مكان للصلاة ولا للدعاء ولا لأي نوع من انواع العبادات سوى التذمر ولا مكان للراحة ولا حتى للجلوس ولا اماكن للمرافق الصحية وكنا قانعين بأننا ولو من بعيد أدينا مراسيم الزيارة وهذا اضعف الايمان اما في العودة فالمأساه لا توصف فهي الفاجعة الكبرى تبدء بعقاب وزارة النقل للزوار بالرغم من التعب وقلة النوم وقلة الاكل وانعدام المرافق الصحية يتوجب علينا وبأرادة وزارة المواصلات ان نعود ايضا سيرا على الاقدام طبعا تعب ما بعده تعب يعني اكثر من 45 كم سيرا على الاقدام نجد حافلة او وسيلة نقل غير العربات والستوتات وهن ايضا لا يتجاوزن عدد اصابع اليد ومستغلات من قبل الشباب والرجال فقط وبعدها وصلنا الى عون بالكاد نجر الانفاس وأذا بالتريلات المخصصة لنقل الحبوب والحيوانات خصصت لنقل الزوار يعني استحالة ان تصعد بها لعلوها وعمقها وكبرها وهذه الاخرى تكدسوا بها الزوار بحيت يصعب على الشخص ان يتنفس ولذا استغلت هي الاخرى من قبل الشباب والرجال لانهم اكثر لياقة بدنية من النساء اما النساء والاطفال وكبار السن فلا حولة لهم ولا قوة علما كان عدد التريلان لا يتجاوز ايضا الخمس اوالست تريلات لهذا العدد المليوني من الزوار طبعا لهذا السبب لابد لنا ان نكمل المسير سيرا على الاقدام الى اقرب نقطة للحافلات الا وهي المسيب
وعند وصولنا المسيب حينها لا استطيع حتى النظر ومعرفة الوقت لانني فقدت الاحساس بكل شئ المهم بعد جهدا جهيد عثرنا على كيه ودفعنا 15 ألف دينار للنفر الواحد متوجهين صوب بغداد وعند وصولنا الى بغداد كنا شبه احياء ولكن كل منا فرح بسلامة الوصول و نجاتنا من اي انفجار كاد ان يصادفنا ونصبح في خبر كان .
الزيارة وتادية مراسيم اربعينية الحسين قمنا بها ونحن الممنونيين وبطيب خاطر ولكن اناشد المسؤولين ووزارة النقل ومن يقوم على تقديم الخدمات لماذا كل هذا العقاب للزوار ؟ الا يكفى الارهاب والقتل وحصد الابرياء . اليس من المنطق ان توفروا لهم الخدمات من المبيت والمرافق الصحية . ثم الا يكفى المرأة العراقية ظلم كل هذه السنين والتهميش يأتي زمن الديمقراطية لتلقى ما تلقاة وكأنها انسان من عالم اخر لم نراه لا في عالم المسيح ولا اليهود ان تطرد المرأة كما في كربلاء لانهم حكموا عليها (بالعورة ) كيان لا يحق له ان يتكلم او يعيش كما يريد بل كما يريدونه هم لانها من الدرجة الثانية .
اما انتم يا اصحاب الفضائيات كفاكم نفاقا فالانسان ليس كالحيون همه الاول والاخير الاكل فقط لا اعرف لماذا كامراتكم مركزة على الاكل والشرب فقط ؟ اين هي كرامة الانسان ؟ اين هو التعامل الانساني ؟ هل صورتم كيف هي معانات الزائر العائد ؟ هل تعرفوا ان الزوار بدل ان يدعو الله بالتوفيق اخذوا بالدعاء على الحكومة وكل المسؤولين الذين تنصلوا عن واجباتهم بتقديم الخدمات لهم ؟ وعليكم انتم بالذات لانكم نقلتم لنا واقعا مزيفا! هل صحن الباقلاء او اللبلبي هي الخدمات التي تريح الزائر ؟ هل الزيارة يجب ان تكون عناء وعدم احترام وعقاب ما بعده عقاب ام صلاة وراحة بال ودعاء بقلوب صافية ؟ اليس من الواجب ان نحترم الانسانية لا نسحقها ام تريدون منا ان نكره اهل البيت ؟ اوليس ثورة الحسين جاءت ضد الظلم والطغيان وتصحيح دين الاسلام؟! اين انتم من كل هذا كفاكم التهليل للمظاهر الكاذبة وكأن الزائر جاء ليأكل فقط . هل صورتم اين يصلي او يدعي او يذكر الله سأرقف لكم بعض الصور التي صورتها بالمبايل لان الكامرا ممنوعة كما هي وسائل النقل ! هل فعلا منعت الحافلات خوفا على الزوار؟ الا توجد حلول اخرى ! الا يوجد مثلا اصحاب حافلات موثوقا بهم !؟ لماذا سيارات المواكب تجول وتصول كما كانت سيارات النظام المقبور ؟ لماذا ينقل الزائر بحافلات اعدت لنقل الحيوانات والمحاصيل ؟ ولماذا هذه الحافلات دونا عن غيرها مسموح بها فقط ؟ هل تعدوننا من ممتلكاتكم ام اننا لا نستحق اكثر من هذا ؟ الحقيقة وجدت ان الهدف من كل هذا هو عقاب جماعي للزائرين ! اتعرفوا يا اصحاب الكراسي اصبحنا نترحم على العصور الغابرة عندما كانت الحيوانات هي وسيلة النقل لانها كانت تريح الزائر . هل من المعقول أن تفتخروا ب20 مليون زائر تم معاقبتهم من قبلكم يا وزراء النقل والخدمات ؟ افتونى يا منتخبو الشعب العراقي الصابر ام ننتظر شبح معطف كوكل ليطهر ارض العراق من كل حاقد وظالم وجبان ومقسر بواجبة ومستغل بساطة الشعب العراقي , لانني واثقة من ان ثورة الحسين بعيدة كل البعد عن سلوكياتكم . هل تعلموا يامن لايهمكم لا الشعب ولا العراق ولا مستقبله أن بأعمالكم هذه ستخسروا الشعب العراقي لانكم جعلتموه لا يريد لا السلة ولا العنب ! فالمصيبة شرها يضحك بحيت لا نعرف نضحك على من عليكم ام على انفسنا لانكم منتخبينا .
قبل اشهر ولسبب لايستحق كل هذه الحفاوة الا وهو استضافة اجتماع الجامعة العربية المنبوذة صرفتم المليارات من الدولارات لتبليط الشواع والتشجير وبناء اماكن الضيافة وبيوت الراحة الا يستحق الشعب العراقي وضيوف الامام ان تعدوا لهم العدة ولو ببناء جملونات معقولة ثم اتذكروا ما صرفتموه على بناء الملاعب والفنادق لتستقبلوا بها خليجي 20 او 21 وبزمن قياسي أين زوار الحسين ع من كل هذا البذخ وللاسف نحن بقلوب طيبة صدقناكم بأنكم تحبون الحسين ع وضيوفه . هل لاننا شعب صابر لا يهمكم امرنا ؟ ام انكم لا تأبهوا لشكوانا ؟ او لانكم تعرفوا كيف تلجموا الافواه ولا احد يحاسبكم ؟ أيعقل ونحن في عصر الديمقراطيات أن نموت هما وحسرة كما مات اكاكي كوكل بعد ان سرق حلمه السؤال متروك لكم ولكل القراء ؟
د أقبال المؤمن
